منتدى التواصل العلمي
يهتم بلأبحاث و الدراسات في اللغة والأدب وتحليل الخطاب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى التواصل العلمي
يهتم بلأبحاث و الدراسات في اللغة والأدب وتحليل الخطاب
منتدى التواصل العلمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محاضرات في الأدب العباسا ج2

اذهب الى الأسفل

محاضرات في الأدب العباسا  ج2 Empty محاضرات في الأدب العباسا ج2

مُساهمة  Admin السبت أكتوبر 16, 2010 6:38 am

- صورت قصيدة المديح في العصر العباسي الإنتصارات الباهرة التي حققها قادة الأمة الإسلامية وأبطالها في حروبهم ضد أعدائها , ومن تلك المعارك التي وصفها الشعراء في مدائحهم وصفا رائعا إهتزت لها الجماهير وكأنها هي الممدوحة بها , معارك هارون الرشيد ضد نقفور إمبراطور بيزنطة
يقول عبد الله بن يوسف مادحا الرشيد :
نقض الذي أعطيته نقفور *** وعليه دائرة البوار تدور
أبشر أمير المؤمنين فإنه **** غنم أتاك به الإله كبير
فلقد تباشرت الرعبة أن أتى ***** بالنقض عنه وافد وبشير
أعطاك جزيته وطأطأ خده **** حذر الصوارم والردى محذور
8- كانت مدائح انتصارات الخلفاء والقادة والأبطال على أعداء الأمة تاريخا كتب شعراء , إذ أشادت هذه المدائح بكل معركة خاضوها وكل حصن اقتحموه , حتى كادت لا تترك موقعه ولا بطلا دون تصوير يضرم في النفس العربية الاستبسال ،وجلاد الأعداء جلادا عنيفا، فإذا الشباب العربي يترامى وراء قائده على منازل الأعداء ترامي الفراش على النار , ولم يكتف الشعراء بهذا التصوير فقط بل عنوا بتسجيل كل ما يستطيعون من تفاصيل عن تلك المعارك العربية , ومن أمثلة ذلك :
مديح على بن جبلة للبطل أبي دلف العجلي قائد المأمون المشهور في إحدى وقائعه :
المنايا في مقانبه *** والعطايا في ذرا حجره
وزحوف في صواهله *** كصياح الحشر في أمره
صاغك الله أبا دلف *** صيغة في الخلق في خيره
كل من في الأرض من عرب*** بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمه **** يكتسيها يوم مفتخره
وكذلك مدحة مسلم بن الوليد ليزيد بن مزيد الشيباني قائد هارون الرشيد الذي فتك بخوارج الموصل :
لولا يزيد لأضحى الملك مطرحا *** أو مائل السمك أو مسترخي الطول
يغشى الوغى وشهاب الموت في يده *** يرمي الفوارس والأبطال بالشعل
موف على مهج في يوم ذي رهج *** كأنه أجل يسعى إلى أمل
لا يرحل الناس إلا نحو حجرته *** كالبيت يفضي إليه ملتقى السبل
تراه في الأمن في درع مضاعفة *** لا يأمن - الدهر – أن يدعى على عجل
لا يعبق الطيب خدّيه ومفرقه *** ولا يمسّح عينه من الكحل

9- مدح الخلفاء بالدين والدنيا : فقد عرف شعر المدح في هذا العصر معاني إسلامية رددها أكثر من شاعر , ومن هنا فإن رغبة الخلفاء والأمراء أصبحت تتطلع إلى شعر مديحي يكون مشفوعا بمعان إسلامية , وأن ينعت الممدوحون فيه بصفات تستمد من منابعه كالذي نجده في شعر عمر بن سلمة المعروف بابن أ بي السعلاء الذي رضخ لشرط الرشيد بألا يدخل عليه إلا من يمدحه بالدين والدنيا في ألفاظ قليلة , فقال ابن أبي السعلاء :
أغيثا تحمل الناقـ *** ـة أم تحمل هارونا
أم الشمس أم البدر *** أم الدنيا أم الدنيا
ألا لا بل أرى كل الـ *** ذي عددت مقرونا
على مفرق هارون *** فداه الآدميونا
10- المبالغة والتهويل في المدح : وهي عادة فارسية إلتزمها الشعراء الفرس في مدح ملوكهم بما يخرجهم عن طبيعتهم الإنسانية إلى ما يشبه الآلهة عندهم .
ومثاله مدح أبي نواس لهارون الرشيد في عدة قصائد نختار منها هذه الأبيات
وأخفت أهل الشرك حتى إنه *** لتخافك النطف التي لم تخلق
فيصف أبو نواس هارون الرشيد بالمهابة والقوة والعظمة , ويبالغ في ذلك لحد أن النطف في الأرحام تخافه وتهابه , ويهدف الشاعر إلى تجاوز المحسوس أو الموجود إلى مالا وجود له , وهنا يلمح الشاعر إلى دوام ملك الرشيد واستمرار نفوذه السلطوي , وقوة خلافته التي تبدوا من خلال بثه الرعب في نفوس المشركين وسلالاتهم .
ويقول في قصيدة أخرى مادحا دائما الرشيد :
ملك تصور في القلوب مثاله *** فكأنه لم يخل منه مكان
ما تنطوي عنه القلوب بنجوة *** إلا يكلمه بها اللحظان
حتى الذي في الرحم لم يك صورة *** لفؤاده من خوفه خفقان
11- مدح المدن والتعصب لها : يرى مصطفى هدارة أن " من الاتجاهات الجديدة التي ذهب إليها شعر المديح في القرن الثاني مدح المدن والتعصب لها , والإفاضة في تعداد محاسنها ونواحي جمالها , وكان أكثر هذا النوع من المديح يدور حول الكوفة والبصرة أو بغداد باعتبارها المراكز الرئيسية للحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية النشطة , ولا سيما بالنسبة للشعراء المادحين "
ومن ذلك مديح عمارة بن عقيل لبغداد :
أعاينت في طول من الأرض والعرض *** كبغداد دارا إنها جنة الأرض
صفا العيش في بغداد وأخضر عوده *** وعيش سواها غير صاف ولا غض
12- مدح الذات الإلهية :
ظهر نوع جديد من المدائح يتوجه بها أصحابها إلى الذات الإلهية يمتدحونها , مستغنين بمديحها عن البشر وما يضطرون إليه من كذب ونفاق في مديحهم , ومن ذلك قول أبي العتاهية :
تعالى الواحد الصمد الجليل *** وحاشى أن يكون له عديل
وقد كان عمران بن الحطان الشاعر الخارجي قد دعا إل هذا الاتجاه في المديح , من ذلك قوله :
أيها المادح العباد ليعطى *** إن لله ما بأيدي العباد
فاسأل الله ما طلبت إليهم *** وارج نفع المنزل العواد
لا تقل في الجواد ما ليس فيه *** وتسمي البخيل باسم الجواد
وقد استفحل هذا التيار حتى كاد يتداخل مع تيار الزهد الذي شكل ظاهرة في العصر العباسي الأوّل , ولكنه تطور فيما بعد ليصبح أهم موضوعات الشعر الصوفي , وليأخذ أبعادا فنية وجمالية متعددة .
13- مدح فئة الكتّاب :
ساهم الشعراء الكتّاب في تطوير قصيدة المديح، إذ جاء بعضهم بالقيم الفنيّة القديمة وأضاف قيما فنيّة جديدة متمثلة لحضارة العصر وذوقه , فخاطبوا بمديحهم فئات من الناس ما كان الشعراء ليقصدوها بمدحة أو هجائية من قبل , ووفروا للغتهم في هذه المدائح السهولة , ولتراكيبهم البساطة , ومعانيهم كل ما هو جديد ومرتبط ببيئاتهم الاجتماعية والفكرية والأدبية ولإيقاع شعرهم الأوزان الخفيفة .
مدح أحمد بن الخصيب كاتبا له فقال :
وإذا نمنمت بنانك خطا *** معربا عن إصابة وسداد
عجب الناس من بياض معان *** يجتنى من سواد ذاك المداد
14- جنوح الشعراء المداح في العصر العباسي إلى سهولة الألفاظ والتراكيب ووضوحها وصبغوا قصائدهم بألوان من التطور في الصياغة والتشكيل ، فجاءت قصائدهم طافحة بالفن والجمال ومجسدة لجماليات الإبداع الشعري في هذا العصر .
15- اعتناء الشاعر العباسي بمدائحه إذ دفعتهم دقتهم الذهنية إلى الملائمة بين مدائحهم وممدوحيهم , فإذا مدحوا الخلفاء نوهوا بتقواهم وعدلهم في الرعيّة، وإذا مدحوا الوزراء تحدثوا عن حسن سياستهم ,وإذا مدحوا القادة الأبطال أطالوا في وصف شجاعتهم , وكذلك صنعوا بالفقهاء والقضاة والكتاب والمغنين، فلكل أوصافه التي تخصه , وهي أوصاف طلبوا فيها وفي كل مدائحهم الفكر الدقيق والتعبير الرشيق .
16- شاعت في العصر العباسي المقطوعات في المديح وتقهقرت المطولات نسبيا.
17- أنتقد شعر المديح في العصر العباسي بأنّه مديح بغير الواقع , فأغلبه نفاق وكذب ومجاملة ورغبة في جنيّ الأموال، والوصول إلى المناصب العليا في الإدارة , فجلّ القيّم والصفات التي مدح بها هؤلاء الشعراء ممدوحيهم لا تتوافر في هؤلاء الممدوحين، وقد دافع بعض الكتاب عن ذلك قائلين إن ذلك قد يكون صحيحا إلى حد ما , ولكن ليس هدف الشعر عامة والمدح خاصة أن يصف أو يصور لنا الواقع كما هو , إنما الهدف الأساسي من الشعر أن يصور الواقع كما يجب أن يكون , إذن فطموح الشعر هو تغيير الواقع المشوه إلى واقع أكثر كمالا وجمالا , ومن هذا المنطلق نستطيع القول أن الشاعر – في أغلب الأحيان – لا يمدح شخصية بعينها , إنما يمدح الإنسان النموذج الذي له القدرة على تمثل ما يطمح إليه المجتمع من قيّم، وتجسيد هذه القيّم في الواقع من خلال الممارسة الفعلية في السلوك قولا وعملا، ومن خلال هذا التفسير للغاية الأساسية من المديح يمكن فهم جميع الأشعار التي قيلت في هذه المرحلة مع عدم إغفال خصوصية كل شاعر في مجال الصياغة الفنيّة , والناحية التشكيلية والانتماء السياسي أو المذهبي .
18- اشتهر عدد كبير من شعراء المدح , وعلى رأسهم أبو تمام والبحتري والمتنبي
أمّا أبو تمام فقد مدح المأمون والمعتصم والواثق والحسن بن سهل وأحمد بن أبي دؤاد وغيرهم , وكان في مدحه عظيم التصوير , يميل إلى الصناعة البديعية مع ابتكار الصور , مركزا على التسلسل المنطقي في بناء قصائده , وعمل على تطوير الأسلوب المدحي فجعل الاستهلال للحكمة , وكانت معانيه موغلة في الغموض أحيانا يصعب الوصول إلى دقائقها .
وقصيدته في وصف " فتح عمورية " يظهر فيها المدح جليّا للخليفة المعتصم منها هذه الأبيات :
السيف أصدق أنباء من الكتب *** في حده الحدّ بين الجدّ واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف *** في متونهن جلاء الشك والريب
تدبير معتصم بالله منتقم *** لله مرتقب في الله مرتهب
لم يغز قوما ولم ينهد إلى بلد *** إلا تقدمه جيش من الرعب
أما البحتري فقد نهج في شعره منهج الأقدمين , واكتفى بالمعاني العادية ولكنّ في مدائحه جمال التصوير , وصفاء الديباجة وموسيقى الألفاظ والقوافي ، فيقول في قصيدته التي يمدح فيها المتوكل وهو يصف موكبه في عيد الفطر المبارك، ويثني عليه بالعبادة في شهر رمضان :
عمت فواضلك البرية فالتقى *** فيها المقل على الغنى والمكثر
بالبرّ صمت وأنت أفضل صائم *** وبسنة الله الرّضيّة تفطر
فانعم بيوم الفطر عينا إنه *** يوم أغر من الزمان مشهر
فاسلم بمغفرة الإله فلم يزل *** يهب الذنوب لمن يشاء ويغفر
الله أعطاك المحبة في الورى *** وحباك بالفضل الذي لا ينكر
ولأنت أملأ للعيون لديهم *** وأجل قدرا في الصدور وأكبر
أما أبو الطيب المتنبي فسلك في مدحه سبيل أبي تمام , وأكثر من المدح لينال وليحقق ما يهدف إليه وليكون عظيما من العظماء
ومما قاله في مدح سيف الدولة الحمداني :
لكل امرئ من دهره ما تعودا *** وعادة سيف الدولة الطعن في العدى
هو البحر غص فيه , إذا كان ساكنا **** على الدر واحذره إذا كان مزبدا
المراجع المعتمدة :
1-د.نور الدين السد , الشعرية العربية , ديوان المطبوعات الجامعية , الجزائر 1995
2-د.مصطفى بيطام , مظاهر المجتمع وملامح التجديد من خلال الشعر في العصر العباسي الأول , ديوان المطبوعات الجامعية , الجزائر 1995.
3-د.شوقي ضيف , تاريخ الأدب العربي , العصر العباسي الأول , دار المعارف , مصر , ط6 ,

Admin
Admin

المساهمات : 86
تاريخ التسجيل : 15/10/2010

https://atawassolal3ilmi.3oloum.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى