السيمياء العامة وسيمياء الأدب
صفحة 1 من اصل 1
السيمياء العامة وسيمياء الأدب
مقدمة كتاب:
عبد الواحد المرابط: السيمياء العامة وسيمياء الأدب- من أجل تصور شامل
(منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، 2005)
المقدمـة
ظهرت السيميـاء (sémiologie أو sémiotique) خلال النصف الأول من القرن العشرين، وذلك باعتبارها علما شاملا يدرس كيفية اشتغال الأنساق الدلالية التي يستعملها الإنسان، والتي تطبع بالتالي وجوده وفكره. فحياة الإنسان قائمة على الدلالة، إذ في إطارها بنى قيمه الأخلاقية والمعرفية والجمالية، وبها ومن خلالها طوَّر تجربته بشقها المادي (الحضارة) والفكري والروحي (الثقافة).
وإذا كان التفكير السيميائي ـ بمعناه العام ـ يشمل كل عملية تأمل للدلالة أو فحص لأنماطها أو تفسير لكيفية اشتغالها، سواء من حيث شكلها وبنيتها أو من حيث إنتاجها أو استعمالها وتوظيفها، فلا ريب أنه تفكيرٌ يضرب بجذوره في أقدم العصور، وذلك بحكم ارتباطه الشديد بالنشاط الذهني البشري عموما .. فقد كان هم الإنسان ولا يزال هو أن يعطي دلالات لنفسه ولسلوكه وللعالم من حوله، وأن يتواصل مع الآخر بتلك الدلالات ومن خلالها، مستنفرا لذلك طاقاته التعبيرية والتفسيرية والتأويلية من جهة، وساعيا من جهة أخرى إلى تأمل تلك الطاقات وتطويرها؛ وهذا ما يجعله كائنا سيميائيا بالدرجة الأولى..
وكما سبقت الإشارة فإن التفكير السيميائي القديم سبق أن عبَّر عن نفسه من خلال تصورات ومفاهيم نظرية ناضجة، كتلك التي جاءت ضمن الخطاب الفلسفي اليوناني وفي ثنايا الفكر العربي القديم وفلسفات القرون الوسطى الأوربية وعصر النهضة والأنوار؛ بيد أن السيمياء لم تظهر باعتبارها علما شاملا لأنساق الدلالة إلا في القرن العشرين، حيث ارتبط ظهورها ـ حسب أكثر الاستقصاءات دقة(i) ـ بأربعة مصادر تأسيسية هي كالتالي:
1- الفلسفة التداولية للفيلسوف الأمريكي شارل سندرس بيرس (Ch. S. Pierce)، الذي وضع في بداية القرن العشرين، الأرضية الإبستمولوجية (المنهجية والمفاهيمية) لعلم عام يدرس جميع أنواع العلامات.
2- اللسانيات البنيوية لعالم اللغة السويسري فيردينان دوسوسير (F. de saussure)، الذي وضع ـ في نفس الفترة تقريبا ـ نظرية مستحدثة لدراسة العلامات اللغوية، متصورا إمكانية تأسيس علم عام يدرس جميع أنواع العلامات (اللغوية وغير اللغوية)، تمثل اللسانيات أحد فروعه المعرفية.
3- فلسفة الأشـكال الرمـزية للفيلسوف الألماني إرنست كاسيرر(E. Cassirer)، الذي وضع ـ قـُبيل أواسط القرن العشرين ـ تصورات عميقة وغنية حول الأنساق الرمزية التي يستعملها الإنسان ويعيش داخلها، والتي تحدده باعتباره حيوانا رامزا (Animal Symbolicum).
4- أبحاث فلسفة اللغة والمنطق، التي سادت في التقاليد الأكاديمية الأمريكية في منتصف القرن العشـرين، والتي كانت قد تبلورت انطلاقا من تصورات «المنطق الرمزي» لمدرسة فيينا، مع فريج (G.Frege) وكارناب (R.Carnap) وروسل (B.Russel) وفيتغينشتاين (L.Wittgenstein) وغيرهم. فقد تمخضت هذه التقاليد عن نظريات لسانية تداولية (Pragmatiques)، سرعان ما تقاطعت مع مفاهيم بيرس، وتوسعت مع شارل موريس (Ch.Morris)، لترسم معالم مبحث تداولي للعلامات عام وشامل.
وقد فتحت هذه التصورات التأسيسية الطريق أمام اجتهادات علمية أخرى مسَّت ميادين ومجالات متنوعة ومتباينة، وأدت إلى تشكُّل اتجاهات ومدارس سيميائية عديدة ومختلفة؛ غير أن العنصر القاعدي للدراسة السيميائية ظل هو »العلامة« (le Signe)، التي قد يختلف مفهومها باختلاف النظريات والاتجاهات السيميائية، لكنها تظل تتحدد ـ عموما ـ باعتبارها شيئا يدل على شيء آخر بموجب علاقة رابطة هي الدلالة (Signification)(ii).
وقد شكلت اللسانيات في الغالب نموذجا للنظريات السيميائية العامة، وبدا ذلك واضحا في بعض تلك النظريات وضمنيا في بعضها الآخر: فالتصورات الأولى للسيمياء الحديثة ظهرت من داخل لسانيات سوسير، وهي التصورات التي انتشرت وتطورت أكثر من غيرها، خصوصا في مجال الدراسات الأدبية. أما التصورات التأسيسية التي قدمها بيرس، بمعزل عن اللسانيات، فإنها لم تتبلور إلا على طاولة الدرس اللساني، وتحديدا في إطار اللسانيات التداولية(iii). كما أن كاسيرر ركز على الخاصية الرمزية للغة، التي تميز الإنسان عن الحيوان، قبل أن يشير إلى أنساق رمزية أخرى كالأسطورة والدين والفن والعلم والتاريخ وغير ذلك. وكذلك كان الأمر بالنسبة للتصورات السيميائية التي قدمها فريج وروسل وكارناب وموريس وغيرهم، فهي لم تخرج من إطار التأمل الفلسفي إلى مجال العلوم الإنسانية، ولم تأخذ ـ بالتالي ـ أبعادها التطبيقية إلا في مجال اللسانيات التداولية.. هكذا ظلت اللسانيات المحدِّدَ الأساس للسيمياء، وأضحت اللغة ـ كما قال بنفنيست ـ »أداة الوصف والاكتشاف السيميائيين«(iv).
لقد أصبحت السيمياء حقلا معرفيا موسوعيا جديدا، على غرار الحقول المعرفية الشمولية التي عرفها الفكر الإنساني قديما (الفلسفة) وحديثا (التاريخ)؛ وأضحى مفهوم »العلامة السيميائية« مفتاحا معرفيا لولوج كل مجالات الدراسة والبحث والاستقصاء، وذلك لما يَتَوَفـَّـر عليه هذا المفهوم من قدرة على الوصف والتفسير والتجريد، ولما يُوفـِّـره من إمكانيات للفهم والتحليل.
ولما كانت السيمياء علما عاما للعلامات، فهي تشمل فروعا كثيرة واختصاصات تتعلق بمجالات معينة منها المجال الأدبي، الذي شهد زخما من الدراسات والتنظيرات السيميائية. فقد بدأت معالم سيمياء الأدب تتضح شيئا فشيئا بظهور دراسات الشكلانيين الروس وحلقة براغ اللسانية وبعض تصورات أصحاب »النقد الجديد« (New criticism) بإنجلترا وأمريكا، وأيضا بعض تصورات النقاد المورفولوجيين الألمان، وصولا إلى النظريات البنيوية والسوسيولوجيا النصية والسيكولوجيا النصية ونظريات التلقي والتأويل كما سنرى. وبذلك راكمت السيمياء الأدبية تاريخا معرفيا خصبا وزخما من المفاهيم والتصورات والنظريات والاتجاهات والمسارات المنهجية.
ورغم اختلاف هذه المسارات المنهجية داخل سيمياء الأدب، فهي جميعها تنطلق من المادة اللغوية للنصوص الأدبية، إذ تعتبر النص نسقا من العلامات اللسانية(v)؛ ولذلك فهي تمد الجسور بين الدرس الأدبي والدرس اللساني، على اعتبار أن الأدب استعمال نوعي للغة.
هذا الوعي الحاد بالبعد اللغوي للنصوص جعل سيمياء الأدب تبتعد عن طـرح السؤال النقدي: »ماذا يعني الأدب؟« ـ وهو السؤال الذي كان مركزيا في الاتجاهات النقدية غير السيميائية ـ لتستبدله بأسئلة جديدة من قبيل: »كيف هو الأدب؟«، و»كيف يعني ما يعنيه؟«، و»ما الذي يجعله دالا ؟«… وحتى عندما يتعلق الأمر بدراسة الأبعاد الاجتماعية أو النفسية أو الموضوعاتية، فإن ذلك يتم من منظور مغاير تَحْكُمه الرؤية النصية اللغوية.
لقد أحدثت المقاربة السيميائية تحولات كبرى في الاتجاهات التي عرفها النقد الحديث: فالنقد البلاغي سرعان ما تحول إلى نقد بنيوي ـ سيميائي. وتحول كل من النقد الاجتماعي والنقد النفسي إلى نقد سوسيوـ نصي ونقد سيكوـ نصي. أما النقد الموضوعاتي فقد صار نقدا سيميائيا تأويليا كما سنوضح فيما بعد .. تطورت إذن كل اتجاهات النقد الحديث واندمجت في الإطار الشامل لسيمياء الأدب، فشكلت مسارات منهجية متنوعة داخل هذا الإطار، يجمع بينها انطلاقها من الطبيعة اللغوية للنصوص. وكما قال تودوروف، »إن المقاربة السيميائية للأدب تطلبت مراجعة مفهوم الأدب نفسه ووضعه في إطار جديد«(vi). و مثل هذا ما ذهب إليه جينيت حين قال: » لم يقم النقد ربما بأي شيء، ولا يمكنه أن يقوم بأي شيء، ما دام لم يقرر أن النتاج الأدبي هو نص لغوي أولا وقبل كل شيء«(vii).
فالسيمياء الأدبية إذن تدرس الأدب باعتباره استعمالا نوعيا للغة، ومن خلال ذلك تبحث في بنياته الشكلية أو في أنساقه الدلالية أو في آلياته التأويلية، وذلك بحسب تنوع المسارات المنهجية لهذه السيمياء؛ وهذا الأمر هو ما جعلها شديدة القرب من اللسانيات..
هذه تحديدات أولية للقضايا التي تشكل موضوع هذه الكتاب، وسنعود إلى بسطها وتحليلها في مداخل منهجية خاصة داخل أقسامه. فالموضوع ينطلق من السيمياء العامة ويتدرج بعد ذلك إلى السيمياء الأدبية.
اتسعت السيمياء العامة وتعددت اتجاهاتها وفروعها، ولم يعد تحديدها أو حصرها أمرا هينا. فقد تداخلت مع مختلف العلوم والمعارف حتى لكأنها ذابت وانمحت داخل هذه العلوم، أو لكأن هذه العلوم ذابت داخل السيمياء. لا شك أن هذا الأمر جعل السيمياء في وضع إبستمولوجي خاص: هل هي علم من بين العلـوم، أم هي علم لهذه العلوم، أم هي منهاجية (Méthodologie) عامة مشترَكة داخـل كل هذه العلوم؟.. لقد أصبح الحديث عن السيمياء العامة عسيرا، لأنها تجاوزت كل الإطارات والمعايير الإبستمولوجية التي تُرسَم للعلوم عادة. ولذلك فإن السيمياء العامة ليست معطى جاهزا وواضحا يمكن أن ننطلق منه للحديث عن سيمياء الأدب أو عن النقد السيميائي أو عن إي فرع سيميائي آخر؛ فهي ـ على العكس من ذلك ـ تحتاج أولا إلى معالجة خاصة تبحث في أسسها العامة واتجاهاتها المختلفة، حتى يتيسر ضبط وحدتها داخل تعددها ورسم معالمها داخل امتداداتها؛ وهذه مهمة ضرورية تفرض نفسها على الباحثين قبل أي حديث عن الفروع أو المباحث الأدبية داخل السيمياء(viii).
وتعرف السيمياء الأدبية بدورها نوعا من التداخل والتشابك بين التصورات والنظريات والمناهج المختلفة، وهذا ما يجعل صورتها غائمة لدى بعض الدارسين ومرتبكة لدى بعض آخر. فكثير من الاتجاهات التنظيرية والمنهجية قد تُعتبَر خارجةً عن سيمياء الأدب، مثل الاتجاه البنيوي أو الاتجاه التفكيكي أو جمالية التلقي(ix)؛ والحقيقة أن هذه الاتجاهات تمثل تنويعات أساس داخل هذه السيمياء، بما أنها جميعها تنطلق من الطبيعة اللغوية للنصوص وترتبط باللسانيات. كما نجد السيمياء الأدبية موزعة في مباحث عديدة منها »الشعرية« و»الأسلوبية« و»البلاغة الجديدة« و»لسانيات النـص« و»تداولية النص« و»السيميوطيقا السردية والخطابية« و»علم الكتابة« وغير ذلك، وهذا غالبا ما يؤدِّي إلى نظرة جزئية تحول دون رسم الصورة العامة والشاملة لهذه السيمياء.
ومما يزيد الأمر تعقيداً ارتباطُ سيمياء الأدب بتطور اتجاهات النقد الأدبي الحديث وحركيته. فهل نتحدث عن هذه السيمياء باعتبارها فرعا من السيمياء العامة أم باعتبارها استمرارا وتطورا لاتجاهات النقد الحديث؟.. يتعلق الأمر هنا بمنظورين مختلفين، لكل منهما منطلقاته ونتائجه؛ بيد أنهما إذا تكاملا وتراكبا قد يُفْضِِيان إلى فهم السيمياء الأدبية فهما نسقيا منظَّما.
لابد إذن من محاولة رسم صورة شاملة ودقيقة ـ في نفس الوقت ـ للمسارات المنهجية السيميائية في مجال النقد الأدبي، وهي الصورة التي من شأنها أن تقدم فهما أعمق لخصوصيات النقد المعاصر إجمالا.
نسعى إذن في هذه الكتاب إلى أهداف متعددة نُجْمِلها في مطلبين: المطلب الأول هو رسم صورة واضحة ونسقية للسيمياء العامة. فقد رأينا الحاجةََ مُلِحَّةً إلى تقديم فهمٍ منظَّم حول هذه السيمياء، خصوصا وأنها قد توسعت إلى أبعد الحدود وضمَّت إليها العديد من العلوم والمعارف، حتى أصبح عسيرا أن نميز بين ما هو سيميائي وما هو غير سيميائي.. فلا بد إذن من بحوث ودراسات كثيرة تستقصي خصوصيات هذا العلم وعناصر وحدته.
أما المطلب الثاني فهو تقديم تصور شامل ودقيق حول السيمياء الأدبية. فقد تعددت مناهجها واتجاهاتها، وتداخلت مع المنهجيات والاتجاهات التي عرفها النقد الحديث قبل انتشار المقاربة السيميائية، فنتج عن ذلك شتات مس تصورات العديد من الدارسين والباحثين، وانتشرت مغالطات كثيرة في هذا الشأن سنشير إليها في مواقع معالجتها داخل الكتاب.
وعليه، فإننل ندعو القارئ إلى تتبع المسار الذي قطعناه لتحقيق المطلبين المشار إليهما، ومعالجتِـنا لما ارتبط بهما من قضايا وإشكالات، من خلال قسمين كبيرين: قسم أول موضوعه السيمياء العامة، وقسم ثان يتعلق بسيمياء الأدب. وقد أفردنا لكل قسم مدخلا منهجيا يناسب موضوعه وأهدافه الخاصة، حيث سيلاحظ القارئ أننا بالرغم من مطلب التصنيف والتبويب، تناولنا المباحث المرتبطة بالموضوع من أكثر جوانبها تعقيدا وإشكالا، وبذلنا جهدا غير يسير لتقديم فهم منظم بصددها. لذلك نؤكد على أهمية قراءة
المدخل المنهجي عند بداية كل قسم من قسمي الكتاب، نظرا لِما يقدمه من تصورات أساس ينبني عليها كل ما يأتي بعده. كما وضعنا في آخر الدراسة خاتمة عامة نستخلص فيها ما توصلنا إليه في قسميها وفصولها، ونشير فيها أيضا إلى ما يمكن أن يرسمه عملنا المتواضع هذا من آفاق للتأمل والدراسة والبحث..
وبعد، فإنني لا أزعم أنني بلغت الغاية وحققت المراد، وما هذه الدراسة إلا مساهمة متواضعة لمعالجة حقل معرفي في غاية الشمولية والاتساع.
عبد الواحد المرابط
2004
الهوامش:
- Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage. Oswald ducrot et Tzvetan Todorov. (Ed. Seuil, coll. Points, Paris, 1972), p 113-117.
- انظر التعريفات التي أوردها تودوروف وديكرو حول » العلامة «، في المرجع السابق، ص: 131-138.
– Françoise Armengaud: la pragmatique (Ed. P.U.F, Paris, 1985), p: 3-13.
– Emile Benveniste: problèmes de linguistique générale. (Ed. Gallimard, Paris, 1970), p: 298.
- »النص« (texte) هو المصطلح المهيمن في السيمياء الأدبية، لأنه يدل على الطبيعة اللغوية للأدب، ولذلك يقل استعمال مصطلحات مثل »النتاج« (oeuvre) أو »الإبداع« (création) أو غير ذلك..
– Tzvetan Todorov: Littérature et signification. (Ed. seuil, Paris, 1969), p: 48.
-Gérard Genette: Figures II. (Ed. seuil, Paris, 1969), p: 53.
- تجدر الإشارة إلى مجهودات هامة قدمها باحثون عرب، بعضها للتعريف بالسيمياء العامة واتجاهاتها، وبعضها الآخر لبسط نظريات أو تصورات من سيمياء الأدب. ومن هؤلاء الباحثين: مجمد السرغيني ومبارك حنون وحميد لحمداني وسعيد بنكَراد وأنور المرتجي وعادل فاخوري ومحمد مفتاح ونصر حامد أبوزيد وسيزا قاسم … وقد تفاوتت أعمال هؤلاء من حيث قربها (أو بعدها) من القضايا المطروحة في هذه الدراسة، غير أننا حاولنا الاستفادة منها جميعا في سياق التصور الشامل الذي نرمي إليه.
انظر مثلا كيف يتم التمييز بين »البنيوية« و »السيميائية« و »التفكيك« في كتاب:
* معرفة الآخر، مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة. تأليف عبد الله إبراهيم، سعيد الغانمي وعلي عواد. (المركز الثقافي العربي، بيروت – البيضاء، 1990).
عبد الواحد المرابط: السيمياء العامة وسيمياء الأدب- من أجل تصور شامل
(منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، 2005)
المقدمـة
ظهرت السيميـاء (sémiologie أو sémiotique) خلال النصف الأول من القرن العشرين، وذلك باعتبارها علما شاملا يدرس كيفية اشتغال الأنساق الدلالية التي يستعملها الإنسان، والتي تطبع بالتالي وجوده وفكره. فحياة الإنسان قائمة على الدلالة، إذ في إطارها بنى قيمه الأخلاقية والمعرفية والجمالية، وبها ومن خلالها طوَّر تجربته بشقها المادي (الحضارة) والفكري والروحي (الثقافة).
وإذا كان التفكير السيميائي ـ بمعناه العام ـ يشمل كل عملية تأمل للدلالة أو فحص لأنماطها أو تفسير لكيفية اشتغالها، سواء من حيث شكلها وبنيتها أو من حيث إنتاجها أو استعمالها وتوظيفها، فلا ريب أنه تفكيرٌ يضرب بجذوره في أقدم العصور، وذلك بحكم ارتباطه الشديد بالنشاط الذهني البشري عموما .. فقد كان هم الإنسان ولا يزال هو أن يعطي دلالات لنفسه ولسلوكه وللعالم من حوله، وأن يتواصل مع الآخر بتلك الدلالات ومن خلالها، مستنفرا لذلك طاقاته التعبيرية والتفسيرية والتأويلية من جهة، وساعيا من جهة أخرى إلى تأمل تلك الطاقات وتطويرها؛ وهذا ما يجعله كائنا سيميائيا بالدرجة الأولى..
وكما سبقت الإشارة فإن التفكير السيميائي القديم سبق أن عبَّر عن نفسه من خلال تصورات ومفاهيم نظرية ناضجة، كتلك التي جاءت ضمن الخطاب الفلسفي اليوناني وفي ثنايا الفكر العربي القديم وفلسفات القرون الوسطى الأوربية وعصر النهضة والأنوار؛ بيد أن السيمياء لم تظهر باعتبارها علما شاملا لأنساق الدلالة إلا في القرن العشرين، حيث ارتبط ظهورها ـ حسب أكثر الاستقصاءات دقة(i) ـ بأربعة مصادر تأسيسية هي كالتالي:
1- الفلسفة التداولية للفيلسوف الأمريكي شارل سندرس بيرس (Ch. S. Pierce)، الذي وضع في بداية القرن العشرين، الأرضية الإبستمولوجية (المنهجية والمفاهيمية) لعلم عام يدرس جميع أنواع العلامات.
2- اللسانيات البنيوية لعالم اللغة السويسري فيردينان دوسوسير (F. de saussure)، الذي وضع ـ في نفس الفترة تقريبا ـ نظرية مستحدثة لدراسة العلامات اللغوية، متصورا إمكانية تأسيس علم عام يدرس جميع أنواع العلامات (اللغوية وغير اللغوية)، تمثل اللسانيات أحد فروعه المعرفية.
3- فلسفة الأشـكال الرمـزية للفيلسوف الألماني إرنست كاسيرر(E. Cassirer)، الذي وضع ـ قـُبيل أواسط القرن العشرين ـ تصورات عميقة وغنية حول الأنساق الرمزية التي يستعملها الإنسان ويعيش داخلها، والتي تحدده باعتباره حيوانا رامزا (Animal Symbolicum).
4- أبحاث فلسفة اللغة والمنطق، التي سادت في التقاليد الأكاديمية الأمريكية في منتصف القرن العشـرين، والتي كانت قد تبلورت انطلاقا من تصورات «المنطق الرمزي» لمدرسة فيينا، مع فريج (G.Frege) وكارناب (R.Carnap) وروسل (B.Russel) وفيتغينشتاين (L.Wittgenstein) وغيرهم. فقد تمخضت هذه التقاليد عن نظريات لسانية تداولية (Pragmatiques)، سرعان ما تقاطعت مع مفاهيم بيرس، وتوسعت مع شارل موريس (Ch.Morris)، لترسم معالم مبحث تداولي للعلامات عام وشامل.
وقد فتحت هذه التصورات التأسيسية الطريق أمام اجتهادات علمية أخرى مسَّت ميادين ومجالات متنوعة ومتباينة، وأدت إلى تشكُّل اتجاهات ومدارس سيميائية عديدة ومختلفة؛ غير أن العنصر القاعدي للدراسة السيميائية ظل هو »العلامة« (le Signe)، التي قد يختلف مفهومها باختلاف النظريات والاتجاهات السيميائية، لكنها تظل تتحدد ـ عموما ـ باعتبارها شيئا يدل على شيء آخر بموجب علاقة رابطة هي الدلالة (Signification)(ii).
وقد شكلت اللسانيات في الغالب نموذجا للنظريات السيميائية العامة، وبدا ذلك واضحا في بعض تلك النظريات وضمنيا في بعضها الآخر: فالتصورات الأولى للسيمياء الحديثة ظهرت من داخل لسانيات سوسير، وهي التصورات التي انتشرت وتطورت أكثر من غيرها، خصوصا في مجال الدراسات الأدبية. أما التصورات التأسيسية التي قدمها بيرس، بمعزل عن اللسانيات، فإنها لم تتبلور إلا على طاولة الدرس اللساني، وتحديدا في إطار اللسانيات التداولية(iii). كما أن كاسيرر ركز على الخاصية الرمزية للغة، التي تميز الإنسان عن الحيوان، قبل أن يشير إلى أنساق رمزية أخرى كالأسطورة والدين والفن والعلم والتاريخ وغير ذلك. وكذلك كان الأمر بالنسبة للتصورات السيميائية التي قدمها فريج وروسل وكارناب وموريس وغيرهم، فهي لم تخرج من إطار التأمل الفلسفي إلى مجال العلوم الإنسانية، ولم تأخذ ـ بالتالي ـ أبعادها التطبيقية إلا في مجال اللسانيات التداولية.. هكذا ظلت اللسانيات المحدِّدَ الأساس للسيمياء، وأضحت اللغة ـ كما قال بنفنيست ـ »أداة الوصف والاكتشاف السيميائيين«(iv).
لقد أصبحت السيمياء حقلا معرفيا موسوعيا جديدا، على غرار الحقول المعرفية الشمولية التي عرفها الفكر الإنساني قديما (الفلسفة) وحديثا (التاريخ)؛ وأضحى مفهوم »العلامة السيميائية« مفتاحا معرفيا لولوج كل مجالات الدراسة والبحث والاستقصاء، وذلك لما يَتَوَفـَّـر عليه هذا المفهوم من قدرة على الوصف والتفسير والتجريد، ولما يُوفـِّـره من إمكانيات للفهم والتحليل.
ولما كانت السيمياء علما عاما للعلامات، فهي تشمل فروعا كثيرة واختصاصات تتعلق بمجالات معينة منها المجال الأدبي، الذي شهد زخما من الدراسات والتنظيرات السيميائية. فقد بدأت معالم سيمياء الأدب تتضح شيئا فشيئا بظهور دراسات الشكلانيين الروس وحلقة براغ اللسانية وبعض تصورات أصحاب »النقد الجديد« (New criticism) بإنجلترا وأمريكا، وأيضا بعض تصورات النقاد المورفولوجيين الألمان، وصولا إلى النظريات البنيوية والسوسيولوجيا النصية والسيكولوجيا النصية ونظريات التلقي والتأويل كما سنرى. وبذلك راكمت السيمياء الأدبية تاريخا معرفيا خصبا وزخما من المفاهيم والتصورات والنظريات والاتجاهات والمسارات المنهجية.
ورغم اختلاف هذه المسارات المنهجية داخل سيمياء الأدب، فهي جميعها تنطلق من المادة اللغوية للنصوص الأدبية، إذ تعتبر النص نسقا من العلامات اللسانية(v)؛ ولذلك فهي تمد الجسور بين الدرس الأدبي والدرس اللساني، على اعتبار أن الأدب استعمال نوعي للغة.
هذا الوعي الحاد بالبعد اللغوي للنصوص جعل سيمياء الأدب تبتعد عن طـرح السؤال النقدي: »ماذا يعني الأدب؟« ـ وهو السؤال الذي كان مركزيا في الاتجاهات النقدية غير السيميائية ـ لتستبدله بأسئلة جديدة من قبيل: »كيف هو الأدب؟«، و»كيف يعني ما يعنيه؟«، و»ما الذي يجعله دالا ؟«… وحتى عندما يتعلق الأمر بدراسة الأبعاد الاجتماعية أو النفسية أو الموضوعاتية، فإن ذلك يتم من منظور مغاير تَحْكُمه الرؤية النصية اللغوية.
لقد أحدثت المقاربة السيميائية تحولات كبرى في الاتجاهات التي عرفها النقد الحديث: فالنقد البلاغي سرعان ما تحول إلى نقد بنيوي ـ سيميائي. وتحول كل من النقد الاجتماعي والنقد النفسي إلى نقد سوسيوـ نصي ونقد سيكوـ نصي. أما النقد الموضوعاتي فقد صار نقدا سيميائيا تأويليا كما سنوضح فيما بعد .. تطورت إذن كل اتجاهات النقد الحديث واندمجت في الإطار الشامل لسيمياء الأدب، فشكلت مسارات منهجية متنوعة داخل هذا الإطار، يجمع بينها انطلاقها من الطبيعة اللغوية للنصوص. وكما قال تودوروف، »إن المقاربة السيميائية للأدب تطلبت مراجعة مفهوم الأدب نفسه ووضعه في إطار جديد«(vi). و مثل هذا ما ذهب إليه جينيت حين قال: » لم يقم النقد ربما بأي شيء، ولا يمكنه أن يقوم بأي شيء، ما دام لم يقرر أن النتاج الأدبي هو نص لغوي أولا وقبل كل شيء«(vii).
فالسيمياء الأدبية إذن تدرس الأدب باعتباره استعمالا نوعيا للغة، ومن خلال ذلك تبحث في بنياته الشكلية أو في أنساقه الدلالية أو في آلياته التأويلية، وذلك بحسب تنوع المسارات المنهجية لهذه السيمياء؛ وهذا الأمر هو ما جعلها شديدة القرب من اللسانيات..
هذه تحديدات أولية للقضايا التي تشكل موضوع هذه الكتاب، وسنعود إلى بسطها وتحليلها في مداخل منهجية خاصة داخل أقسامه. فالموضوع ينطلق من السيمياء العامة ويتدرج بعد ذلك إلى السيمياء الأدبية.
اتسعت السيمياء العامة وتعددت اتجاهاتها وفروعها، ولم يعد تحديدها أو حصرها أمرا هينا. فقد تداخلت مع مختلف العلوم والمعارف حتى لكأنها ذابت وانمحت داخل هذه العلوم، أو لكأن هذه العلوم ذابت داخل السيمياء. لا شك أن هذا الأمر جعل السيمياء في وضع إبستمولوجي خاص: هل هي علم من بين العلـوم، أم هي علم لهذه العلوم، أم هي منهاجية (Méthodologie) عامة مشترَكة داخـل كل هذه العلوم؟.. لقد أصبح الحديث عن السيمياء العامة عسيرا، لأنها تجاوزت كل الإطارات والمعايير الإبستمولوجية التي تُرسَم للعلوم عادة. ولذلك فإن السيمياء العامة ليست معطى جاهزا وواضحا يمكن أن ننطلق منه للحديث عن سيمياء الأدب أو عن النقد السيميائي أو عن إي فرع سيميائي آخر؛ فهي ـ على العكس من ذلك ـ تحتاج أولا إلى معالجة خاصة تبحث في أسسها العامة واتجاهاتها المختلفة، حتى يتيسر ضبط وحدتها داخل تعددها ورسم معالمها داخل امتداداتها؛ وهذه مهمة ضرورية تفرض نفسها على الباحثين قبل أي حديث عن الفروع أو المباحث الأدبية داخل السيمياء(viii).
وتعرف السيمياء الأدبية بدورها نوعا من التداخل والتشابك بين التصورات والنظريات والمناهج المختلفة، وهذا ما يجعل صورتها غائمة لدى بعض الدارسين ومرتبكة لدى بعض آخر. فكثير من الاتجاهات التنظيرية والمنهجية قد تُعتبَر خارجةً عن سيمياء الأدب، مثل الاتجاه البنيوي أو الاتجاه التفكيكي أو جمالية التلقي(ix)؛ والحقيقة أن هذه الاتجاهات تمثل تنويعات أساس داخل هذه السيمياء، بما أنها جميعها تنطلق من الطبيعة اللغوية للنصوص وترتبط باللسانيات. كما نجد السيمياء الأدبية موزعة في مباحث عديدة منها »الشعرية« و»الأسلوبية« و»البلاغة الجديدة« و»لسانيات النـص« و»تداولية النص« و»السيميوطيقا السردية والخطابية« و»علم الكتابة« وغير ذلك، وهذا غالبا ما يؤدِّي إلى نظرة جزئية تحول دون رسم الصورة العامة والشاملة لهذه السيمياء.
ومما يزيد الأمر تعقيداً ارتباطُ سيمياء الأدب بتطور اتجاهات النقد الأدبي الحديث وحركيته. فهل نتحدث عن هذه السيمياء باعتبارها فرعا من السيمياء العامة أم باعتبارها استمرارا وتطورا لاتجاهات النقد الحديث؟.. يتعلق الأمر هنا بمنظورين مختلفين، لكل منهما منطلقاته ونتائجه؛ بيد أنهما إذا تكاملا وتراكبا قد يُفْضِِيان إلى فهم السيمياء الأدبية فهما نسقيا منظَّما.
لابد إذن من محاولة رسم صورة شاملة ودقيقة ـ في نفس الوقت ـ للمسارات المنهجية السيميائية في مجال النقد الأدبي، وهي الصورة التي من شأنها أن تقدم فهما أعمق لخصوصيات النقد المعاصر إجمالا.
نسعى إذن في هذه الكتاب إلى أهداف متعددة نُجْمِلها في مطلبين: المطلب الأول هو رسم صورة واضحة ونسقية للسيمياء العامة. فقد رأينا الحاجةََ مُلِحَّةً إلى تقديم فهمٍ منظَّم حول هذه السيمياء، خصوصا وأنها قد توسعت إلى أبعد الحدود وضمَّت إليها العديد من العلوم والمعارف، حتى أصبح عسيرا أن نميز بين ما هو سيميائي وما هو غير سيميائي.. فلا بد إذن من بحوث ودراسات كثيرة تستقصي خصوصيات هذا العلم وعناصر وحدته.
أما المطلب الثاني فهو تقديم تصور شامل ودقيق حول السيمياء الأدبية. فقد تعددت مناهجها واتجاهاتها، وتداخلت مع المنهجيات والاتجاهات التي عرفها النقد الحديث قبل انتشار المقاربة السيميائية، فنتج عن ذلك شتات مس تصورات العديد من الدارسين والباحثين، وانتشرت مغالطات كثيرة في هذا الشأن سنشير إليها في مواقع معالجتها داخل الكتاب.
وعليه، فإننل ندعو القارئ إلى تتبع المسار الذي قطعناه لتحقيق المطلبين المشار إليهما، ومعالجتِـنا لما ارتبط بهما من قضايا وإشكالات، من خلال قسمين كبيرين: قسم أول موضوعه السيمياء العامة، وقسم ثان يتعلق بسيمياء الأدب. وقد أفردنا لكل قسم مدخلا منهجيا يناسب موضوعه وأهدافه الخاصة، حيث سيلاحظ القارئ أننا بالرغم من مطلب التصنيف والتبويب، تناولنا المباحث المرتبطة بالموضوع من أكثر جوانبها تعقيدا وإشكالا، وبذلنا جهدا غير يسير لتقديم فهم منظم بصددها. لذلك نؤكد على أهمية قراءة
المدخل المنهجي عند بداية كل قسم من قسمي الكتاب، نظرا لِما يقدمه من تصورات أساس ينبني عليها كل ما يأتي بعده. كما وضعنا في آخر الدراسة خاتمة عامة نستخلص فيها ما توصلنا إليه في قسميها وفصولها، ونشير فيها أيضا إلى ما يمكن أن يرسمه عملنا المتواضع هذا من آفاق للتأمل والدراسة والبحث..
وبعد، فإنني لا أزعم أنني بلغت الغاية وحققت المراد، وما هذه الدراسة إلا مساهمة متواضعة لمعالجة حقل معرفي في غاية الشمولية والاتساع.
عبد الواحد المرابط
2004
الهوامش:
- Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage. Oswald ducrot et Tzvetan Todorov. (Ed. Seuil, coll. Points, Paris, 1972), p 113-117.
- انظر التعريفات التي أوردها تودوروف وديكرو حول » العلامة «، في المرجع السابق، ص: 131-138.
– Françoise Armengaud: la pragmatique (Ed. P.U.F, Paris, 1985), p: 3-13.
– Emile Benveniste: problèmes de linguistique générale. (Ed. Gallimard, Paris, 1970), p: 298.
- »النص« (texte) هو المصطلح المهيمن في السيمياء الأدبية، لأنه يدل على الطبيعة اللغوية للأدب، ولذلك يقل استعمال مصطلحات مثل »النتاج« (oeuvre) أو »الإبداع« (création) أو غير ذلك..
– Tzvetan Todorov: Littérature et signification. (Ed. seuil, Paris, 1969), p: 48.
-Gérard Genette: Figures II. (Ed. seuil, Paris, 1969), p: 53.
- تجدر الإشارة إلى مجهودات هامة قدمها باحثون عرب، بعضها للتعريف بالسيمياء العامة واتجاهاتها، وبعضها الآخر لبسط نظريات أو تصورات من سيمياء الأدب. ومن هؤلاء الباحثين: مجمد السرغيني ومبارك حنون وحميد لحمداني وسعيد بنكَراد وأنور المرتجي وعادل فاخوري ومحمد مفتاح ونصر حامد أبوزيد وسيزا قاسم … وقد تفاوتت أعمال هؤلاء من حيث قربها (أو بعدها) من القضايا المطروحة في هذه الدراسة، غير أننا حاولنا الاستفادة منها جميعا في سياق التصور الشامل الذي نرمي إليه.
انظر مثلا كيف يتم التمييز بين »البنيوية« و »السيميائية« و »التفكيك« في كتاب:
* معرفة الآخر، مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة. تأليف عبد الله إبراهيم، سعيد الغانمي وعلي عواد. (المركز الثقافي العربي، بيروت – البيضاء، 1990).
مواضيع مماثلة
» السيمياء التداولية / بيرس وموريس
» الأدب العباسي
» مقرر الأدب الجاهلي
» الأدب في العصر العباسي
» من خصائص الأدب العباسي
» الأدب العباسي
» مقرر الأدب الجاهلي
» الأدب في العصر العباسي
» من خصائص الأدب العباسي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى